تقاريرتقارير صحفية

أبوشمالة لمركز Epal : مساعي دولة الاحتلال لإفراغ قطاع غزة من ساكنيه لن تنجح

أجرى المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام حواراً صحفياً مكتوباً مع الدكتور فايز أبوشمالة ، أحد الكُتّاب البارزين في قطاع غزة ، حول مساعي دولة الاحتلال لتهجير أهالي قطاع غزة ، و إمكانية فتح المطارات الإسرائيلية أمامهم لتسهيل عبورهم إلى بلاد المهجر

الزميل عبدالسلام فايز تواصل مع الدكتور فايز أبوشمالة و أعدّ الحوار التالي :

دكتور فايز نشكرك على إتاحة هذه الفرصة للحوار معكم و نرحب بك أصدق ترحيب ، نبدأ من مساعي دولة الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى إفراغ قطاع غزة من شبابه من خلال تشجيعهم على الهجرة و فتح المطارات الإسرائيلية أمامهم لتسهيل هذه الخطوة ، ، قبل الدخول في مخاطر هذه الخطوة ، هل تعتقد أنّ هذه المساعي تدل على فشل دولة الاحتلال في الضغط على الشعب الفلسطيني و لهذا راحت تبحث عن أساليب جديدة

هذا أمر ليس بالجديد، لأن فكرة ترحيل سكان قطاع غزة لم تبدأ من لحظة اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر قبل أيام، وإنما فكرة ترحيل سكان قطاع غزة بدأت من اللحظة الأولى لاحتلال قطاع غزة بعد هزيمة 1967، حيث جمع الجيش الإسرائيلي آلاف الشباب الفلسطيني، وأخذهم في مئات الحافلات، وألقى بهم خلف قناة السويس، على الجانب المصري.

وكانت الخطوة الثانية حين قدم الجيش الإسرائيلي مبالغ مالية لكل فلسطيني يترك قطاع غزة، ويتوجه إلى الأردن عبر النهر، دون أي وثائق أو أوراق ثبوتية، وقد نزح في تلك الفترات آلاف الشباب طوعاً، وخلاصاً.

وكانت الخطوة الثالثة سنة 1970 حين سعى قائد المنطقة في ذلك الوقت آرئيل شارون لتفريغ قطاع غزة من سكانه، وقام بنقل عائلات بكاملها من غزة إلى العريش، بهدف تصفية المقاومة، وتفريغ ازدحام السكان في قطاع غزة، في ذلك الوقت كان عدد سكان قطاع غزة لا يتجاز 400 ألف نسمة، وليس كما هو اليوم، أكثر من 2 مليون إنسان.

كل ما سبق من خطوات ترحيل لسكان قطاع غزة فشلت، كما فشلت من قبل كل مشاريع توطين اللاجئين في سيناء، بما في ذلك مشروع جون دالاس سنة 1955، ولكن الجديد في هذ المرة أن ترحيل سكان قطاع غزة يجيئ في ظل الحصار، وتحت ضغط الفقر والجوع والبطالة والضائقة الاقتصادية والانقسام وقطع الرواتب، وهذا مؤشر خطير.

باعتبارك من سكان قطاع غزة و مواطن يعيش في صميم الألم .. ما هي مخاطر هذه الخطوة الإسرائيلية و ما هو مدى نجاحها مِنْ فشلها ؟

هذه الخطوة تشكل خطراً كبيرا ًفي هذه المرحلة التي تتزامن مع الحصار والعقوبات وقطع الرواتب، ومع ذلك فإن خزان الرجال لا ينضب ، ولا خطر على سلامة المجتمع والانتماء والمقاومة من سفر وهجرة الشباب ، فغزة لديها فائض رجال ورجولة ، ولكن الخطر الحقيقي على سكان قطاع غزة في هذه المرحلة يتمثل في تكرار  تجربة الترجيل الجماعي كما حدث سنة 1948، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال حرب شاملة على قطاع غزة، برعاية أمريكية ، وتحت غطاء حسن الجوار والتطبيع مع الدول العربية ، ليصير فتح الحدود على سيناء ملاذاً إنسانياً آمناً، كما حدث في أكثر من مكان في الشرق الأوسط، ولاسيما أن الأوضاع العربية تكاد أن تتشابه مع ما كانت عليه عشية مؤامرة 1948، وهذا هو الخطر الحقيقي على مجمل القضية الفلسطينية، وهذا هو منطلق التفكير العملي الإسرائيلي للخلاص من غزة، دون السماح لها بدولة مهما كانت، أو حتى شبه دولة ، فتشكل خطراً استراتيجياً على دولة الكيان، وهذا ما يجب أن يتنبه له الفلسطينيون بكل مشاربهم السياسية ومواقعهم الجغرافية،  ولاسيما سكان قطاع غزة الذين آمنوا أن سلامتهم تكمن في وحدتهم، وصمودهم الجماعي، وتعاضدهم، وثباتهم فوق أرضهم مهما تشعبت المؤامرة.

أهالي قطاع غزة يعانون من حصار ظالم و ضارب في الجذور لأكثر من اثنتي عشرة سنة ، و المستقبل يكاد يكون معدوماً هناك بسبب تفشي الفقر و البطالة و المخاطر الأمنية ، هل ترى هذا مبرراً في حال أقدم شباب غزة على الهجرة ؟ أم مطلوب منهم الصبر و المصابرة فوق طاقتهم ؟

الهجرة لا تشكل خطراً، وقد هاجر شاب غزة قبل ذلك إلى السعودية وليبيا والخليج ولم تمت القضية ، ولم تفرغ الأرض من عشاقها، ولا خطر على فلسطين من هجرة الآف الشباب، سيعودون يوماً مع عائلاتهم، وسيتواصلون مع أهلهم، الخطر كما ذكرت لك بالعدوان، والمؤامرة العربية، والتطبيع والتخاذل والدسائس، ولو أشرت لحديثي بالآرقام لقلت: أن نسبة من رحلوا من قطاع غزة حتى الآن لا يشكلون تفريغاً يذكر للخزان البشري ، إذ أفادت المصادر الإسرائيلية بأن عدد الفلسطينيين الذي رحلوا من قطاع غزة لم يتجاوز 35 ألف فلسطيني طوال سنة 2018، وهذا رقم لا يتعادل مع نسبة زيادة السكان، والتي بلغت أكثر من 57 ألف مولود في العام نفسه.

في ظل الانقسام الفلسطيني الحاصل ، يدفع سكان قطاع غزة ضريبة كبيرة بسببه .. السؤال المطروح : حتّامَ يبقى هذا الانقسام ؟ و ما هي مسؤولية الفصائل لتجاوزه باعتباره صفحة سوداء في تاريخ القضية الفلسطينية ؟

الانقسام صناعة عدوانية، وترعاه إسرائيل، وقد أشار السيد محمود عباس في آخر لقاء له مع حزب إسرائيل الديمقراطية، قبل عدة أيام، عندما قال: نتانياهو رفض أن نقيم حكومة وحدة مع حماس، ولكنه تواصل مع حماس، وقدم لها الأموال، هذا دليل على أن الانقسام إسرائيلي، وأظن لا نهاية للانقسام طالما ظل السيد عباس مصراً على التفرد بالقرار، وعدم تطبيق قرار المجلس المركزي القاضي بوقف التعاون الأمني.

في الآونة الأخيرة حصلت مشادة كلامية بينك و بين أحد المطبعين السعوديين رواف ابن السعين و قد استوعب فايز أبوشمالة كيل الشتائم الذي كيل ضده و ضد الشعب الفلسطيني .. هل تعتقد أن تجاهل أمثال هؤلاء هو خير طريقة لمواجهة تطبيعهم مع دولة الاحتلال ؟ أم لابد من مواجهتهم بسلاح الكلمة و العين بالعين؟

كشف الحقائق مهم وواجب ، نسبة قليلة من الشعوب العربية تصدق الإعلام الإسرائيلي الكاذب ، و هدف إسرائيل هو تشويه صورة الفلسطيني ، ليراه العربي خائناً ، جاسوساً، جاحداً ، باع أرضه ، يطعن بالصديق ، يغدر بالحليف ، وهو شؤم على كل من يتعامل معه ، وأن القضية الفلسطينية دمرت الشعوب العربية .

و للإعلام الإسرائيلي أصدقاء وخلايا كامنة ، ظهرو ا في الفترة الأخيرة، وهم كثر، ولهم تمويل، وإذا كانت دولة الاحتلال قد نجحت في اختراق الساسة العرب والقادة العرب والحكام العرب، و أقامت علاقات دبلوماسية، وتطبيع مع بعضهم، فهل يصعب عليها إيجاد عملاء إعلاميين ، ولكن كل هؤلاء العملاء لإسرائيل بكافة مستوياتهم لم يخترقوا وجدان الأمة، فما زالت فلسطين قلب العروبة النابض، وما زالت نقطة التقاء كل المسلمين والعرب ولك إنسان حر نقي طاهر من الدعاية الصهيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى