طرد لاعب كرة قدم هولندي من نادي ألماني ونائب بريطاني من البرلمان بسبب شعار “فلسطين حرة من النهر إلى البحر”: ماذا يعني ولماذا يسبب كل هذه الضجة

الهولندية: NOS

منذ أسابيع، كان شعار ” من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر” سبباً للانقسام في العديد من البلدان، وفي الليلة الماضية أُعلن عن طرد لاعب كرة القدم الهولندي أنور الغازي من ناديه إف إس في ماينز الألماني بسبب هذا الشعار، كما تم إيقاف النائب البريطاني آندي ماكدونالد عن العمل من قبل حزب العمال هذا الأسبوع بعد أن استخدم الكلمات في خطاب ألقاه في مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين.
تم تمرير اقتراح في مجلس النواب حول الشعار المثير للجدل: قررت الأغلبية أنه دعوة إلى العنف، وأدى ذلك بعد ذلك إلى عرض النص على متحف Mauritshuis وإلى اضطراب في مجلس مدينة أمستردام يوم الخميس الماضي.
من أين يأتي الشعار ولماذا يثير هذه الضجة الآن؟

ويشير المعنى الحرفي “من النهر إلى البحر” إلى الأرض الممتدة من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، أي كامل المنطقة التي تقع فيها إسرائيل والأراضي الفلسطينية.

لقد تم استخدام هذا الشعار منذ الستينيات، عندما تأسست منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، قبل أكثر من 20 عامًا من وجود حماس.
منظمة التحرير الفلسطينية هي منظمة جامعة تضم جماعات تسعى جاهدة لإقامة دولة فلسطينية، يتم تفسير معنى الشعار بشكل مختلف من قبل الأطراف المختلفة.

المنظور الفلسطيني
ويقول خبير شؤون الشرق الأوسط إروين فان فين من معهد كلينجندايل: “للحصول على تفسير مبكر لهذا الشعار، عليك أن تنظر إلى وضع الفلسطينيين في الستينيات”.

بعد إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948، فر ما لا يقل عن 700 ألف فلسطيني، أو طُردوا من أراضيهم أو جاؤوا للعيش تحت السلطة العسكرية الإسرائيلية أو الحكم الاستبدادي لسوريا ومصر.
بعد حرب الأيام الستة عام 1967، واجه الفلسطينيون في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية احتلالاً عسكرياً إسرائيلياً، وقال فان فين: “إن عبارة “فلسطين ستكون حرة” في هذا السياق تعكس الرغبة في العودة إلى زمن ما قبل عام 1948، وهي دعوة إلى الحرية مرة أخرى”.

دعمت منظمة التحرير الفلسطينية في البداية المقاومة المسلحة، لكنها دعت فيما بعد إلى إقامة دولة عربية يهودية يعيش فيها اليهود والفلسطينيون بسلام جنبًا إلى جنب. وفي وقت لاحق، دعمت حل الدولتين في التسعينيات، يقول فان فين: “كهدف، أصبح الشعار الذي يدور حول العيش بحرية في دولة واحدة، أقل أهمية بالنسبة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم تبنت حماس هذا الشعار”.

وقالت رئيسة بلدية أمستردام فيمكي هالسيما : “لقد تم تضمين الشعار في ميثاق حماس عام 2017 وتستخدمه حماس وحزب الله، وهذا يعني أن الشعار فقد كل البراءة وهذا يجعله غير مقبول بالنسبة لي”.

ووفقاً لعمر دويك، خبير شؤون الشرق الأوسط في جامعة تيلبورخ، من الصعب تحديد هدف حماس عندما يتعلق الأمر بإسرائيل: “إنهم يريدون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لكن حماس، مثل منظمة التحرير الفلسطينية، لديها حركات مختلفة”. هناك الجماعات المقاتلة المسؤولة عن الهجمات التي وقعت في إسرائيل يوم 7 أكتوبر، ولكن هناك أيضا حركة سياسية أكثر اعتدالا، والتي، وفقا لدويك وفان فين، لا تختلف كثيرا عن منظمة التحرير الفلسطينية.

المنظور الإسرائيلي
ويوضح الدويك أن إسرائيل تفسر الشعار على أنه “الإبعاد الكامل للإسرائيليين من الأرض، من النهر إلى البحر”، وهذا التفسير يشكل مصدر قلق كبير للمنظمات اليهودية والمؤيدة لإسرائيل.
على سبيل المثال، كتب المحامي فريك فيرجير والمؤرخ هانز والاج من CIDI (مركز توثيق المعلومات الإسرائيلي) في رسالة مفتوحة إلى صحيفة داخبلاد: “لقد أظهرت منظمات مثل حماس وحزب الله بالهمجية وإبادة المواطنين الإسرائيليين الذين يعتقدون أنهم، لا يوجد مكان لليهود بين النهر والبحر، ولهذا السبب وحده يجب تجنب استخدام هذا الشعار”.

وتتفق السياسة الهولندية مع هذا التفسير، ولذلك أعلنت أغلبية في مجلس النواب أن النص يدعو إلى العنف، وتعتقد الأحزاب أن الشعار يشجع على تدمير إسرائيل.
يقول الدويك: “ما ترونه هنا هو أن السياسة الهولندية تتبنى الإطار الإسرائيلي بالكامل، وهذا يتوافق مع الموقف الذي تختاره هولندا الآن”.

ويشير فان فين إلى أن إسرائيل نفسها أدلت بتصريحات مماثلة بشأن الفلسطينيين، يقول فان فين: “على الرغم من أنه من المفهوم أن الشعار الفلسطيني يثير الجدل، إلا أنه من اللافت للنظر أنه في كل من ميثاق حزب الليكود والاتفاق الائتلافي لحكومة نتنياهو، تطالب إسرائيل أيضًا بكامل المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، ولكن في هذه الحالة، فإن جميع موارد الدولة تقف وراء هذه النية”.

تهديد وجودي
ويعتقد الدويك أنه من المهم أن نكون على دراية بالخوف الكامن وراء كلا المنظورين قبل اختيار أي جانب: “لقد أصبح الفلسطينيون والإسرائيليون ينظرون إلى بعضهم البعض على أنهم تهديد وجودي، وهذا أمر متأصل بعمق في العقلية، وخاصة بين الشباب”.
“عندما تطلب إسرائيل من سكان غزة الفرار إلى مصر، يفكر الفلسطينيون: “لن نعود أبدًا”، هذا هو التطهير العرقي، لكن الإسرائيليين يفكرون أيضًا عندما يسمعون مثل هذا الشعار: “إنهم يريدون تدميرنا”.

وعلى الرغم من أن هذه مشاعر وأحاسيس حقيقية، إلا أن كلا الخبيرين يشيران أيضًا إلى الصورة التي تقف خلفهما من كلا الجانبين. ويقول فان فين إنه لا يبدو أن هناك حاليا أي تهديد وجودي لإسرائيل. “كان هجوم حماس في 7 أكتوبر شديد التهديد وقُتل فيه 1400 شخص، وفي الوقت نفسه، لا تزال حماس مجموعة مسلحة صغيرة نسبياً ولا تحظى بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين”.

ويوضح أن حماس مدعومة من إيران، لكن الحركة تعتبر دخيلة مقارنة بالتنظيمات الأخرى التي تدعمها طهران: “بالإضافة إلى ذلك، لدى إسرائيل جيش قوي، ولن يكون هناك تهديد وجودي لإسرائيل إلا إذا تدخلت إيران وامتلكت أسلحة نووية”.
ومع ذلك، فإن الروايتين منتشرتان على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على سبيل المثال، تنفق الحكومة الإسرائيلية الملايين على المؤثرين الذين يقنعون الشباب الآخرين بقصتهم، وتحظى حسابات إنستغرام الفلسطينية أيضًا بملايين المتابعين، الدويك: “الشباب لا يتحدثون مع بعضهم البعض، بل يترجمون فقط، هذا الجيل لم يسبق له أن خاض مفاوضات جدية أو رأى نتائج”.

هولندا
وحتى قبل الحرب الحالية، نظرت النيابة العامة ومحكمة الاستئناف في أمستردام في هذا الشعار، وخلص كلاهما إلى أن الشعار لا يعاقب عليه. كتب Vergeer وWalage من CIDI في رسالتهما أن السياق قد تغير كثيرًا بعد 7 أكتوبر، بحيث قد يتوصل القاضي الآن إلى نتيجة مختلفة. ويعتقد عمر الدويك أيضًا أن الشعار يمكن تفسيره أحيانًا على أنه معاد للسامية: “إذا كنت تقصد أنه يجب تدمير جميع الإسرائيليين، لكن عليك أن تنظر إلى ذلك على أساس كل حالة على حدة.