الصحافة الأوروبية

الفلسطينيون يدفعون ثروة للسفر من غزة: من هي منظمة “المجد” التي تنظم رحلات الطيران الغامضة؟

الفلسطينيون يدفعون ثروة للسفر من غزة: من هي منظمة "المجد" التي تنظم رحلات الطيران الغامضة؟

الهولندية: NOS

بالنسبة لآلاف الفلسطينيين، بعد عامين من الحرب، يبدو قطاع غزة مكانًا لا سبيل للبقاء فيه إلا الرحيل، لكن من يغادره يُخاطر بعدم العودة أبدًا، في ظل هذا المزيج من المشاعر، سافر مئات الفلسطينيين من غزة على متن رحلات جوية مستأجرة سرية في الأشهر الأخيرة، تديرها منظمة غامضة.

ويدفع المسافرون آلاف الدولارات، وغالباً ما لا يعرفون أين سينتهي بهم المطاف، ويخشون أن يُستخدم رحيلهم كجزء من مشروع سياسي: التطهير العرقي لقطاع غزة، الذي يناقشه السياسيون وصناع الرأي في إسرائيل علناً.

تُشغّل الرحلات الجوية، التي تُغادر من مطار رامون قرب إيلات، إسرائيل، من قبل منظمة “المجد”، وهي منظمة غير معروفة سابقًا، وقد كشف بحثٌ أجرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية وقناة الجزيرة أن “المجد” تابعة لوحدةٍ تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية مسؤولة عن “الهجرة الطوعية” من غزة.

بالنسبة للعديد من الفلسطينيين، يُعدّ مغادرة المنطقة الخيار الواقعي الوحيد، وتُحذّر السلطات الفلسطينية من أن هذه الرحلات قد تكون جزءًا من استراتيجية “لإفراغ” غزة من سكانها، وذلك بالأساس من خلال إجبار الأثرياء الفلسطينيين على المغادرة.

الوجهة غير معروفة
حملت الرحلة الأخيرة 153 فلسطينيًا، من بينهم أطباء ومهندسون ورواد أعمال وعائلات مع أطفال صغار، لم يُبلَّغ الركاب مسبقًا بالبلد الذي سيسافرون إليه، تجمعت المجموعة في قطاع غزة، ونُقلت بالحافلات عبر الحدود إلى إسرائيل.

سافرت المجموعة أولاً إلى نيروبي، كينيا، ثم إلى جوهانسبرغ على متن طائرة جنوب أفريقية مستأجرة، عند وصولهم، احتُجزوا لأكثر من اثنتي عشرة ساعة لعدم وجود ختم خروج إسرائيلي على جوازات سفرهم.

وصفت السلطات في جنوب أفريقيا المجموعة بأنها “غامضة” وبلا وجهة واضحة، وفي النهاية، منحت البلاد الفلسطينيين تأشيرة مؤقتة لمدة 90 يوماً.

اكتشفت صحيفة هآرتس أن تومر جانار ليند، وهو رجل أعمال إسرائيلي-إستوني أسس شركات في أوروبا والشرق الأوسط، يدير موقع “المجد”، كانت النسخة القديمة من الموقع تحمل شعار شركته الإستونية “تالنت غلوبس”، الموقع الحالي معطل جزئيًا. يبدو أن العناوين والصور ومعلومات الاتصال غير صحيحة. روابط مواقع التواصل الاجتماعي لا تؤدي إلى أي شيء، وبعض الأخبار على الموقع تحتوي على صور أو تواريخ غير صحيحة.

مع ذلك، انتشر موقع المنظمة الإلكتروني على نطاق واسع بين الفلسطينيين في غزة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الأخيرة، يجب على المرشحين تقديم معلوماتهم، وبعد الموافقة الأولية، دفع مبلغ يتراوح بين 1500 و2000 دولار أمريكي للتذكرة، بعد ذلك، تُضاف أسماؤهم إلى مجموعة واتساب، ويتلقون المزيد من التفاصيل عبر رقم هاتف إسرائيلي.

وفقًا لصحيفة هآرتس، رتّب المجد الرحلات عبر مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهو الجهاز العسكري الذي يُنسّق احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وأكد المكتب للصحيفة أن المجد يُقدّم قوائم بأسماء المسافرين ووثائقهم مُسبقًا، وأن إسرائيل لا تسمح بمغادرة المجموعات إلا إذا كانت الدولة المُرشّحة مُستعدّة لاستقبالهم.

أبلغ مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق هيئة الإذاعة الوطنية (NOS) أن هذا يتماشى مع سياسة الحكومة الإسرائيلية، وأن القرارات تتوقف على “طلب من دولة ثالثة مستقبلة”، وأكد المكتب أيضًا أنه لا يوجد حد أقصى لعدد سكان غزة المسموح لهم بمغادرة القطاع بهذه الطريقة، وأن العدد قد ازداد في الأشهر الأخيرة، ويعزى ذلك جزئيًا إلى عمليات الإجلاء الطبي.

علاوة على ذلك، قامت الحكومة بـ”تبسيط” إجراءات المغادرة من غزة إلى دول ثالثة، مما أدى إلى الموافقة على المزيد من الطلبات.

التطهير العرقي
السلطات الفلسطينية تصفها بالخداع، السفارة الفلسطينية في جنوب أفريقيا تصف منظمة المجد بأنها “منظمة غير مسجلة ومضللة تستغل الوضع الإنساني”، حذر وزير الخارجية الفلسطيني فارسين أغابيكيان من “الاتجار بالبشر، وتجار الدم، ووكلاء التهجير”.

يضع الباحثون الفلسطينيون والدوليون هذه الرحلات في سياق سياسي أوسع، شجعت تصريحات الرئيس ترامب في وقت سابق من هذا العام السياسيين وقادة الرأي الإسرائيليين على إعادة مناقشة “نقل” الفلسطينيين أو “إخلاء” غزة من سكانها، وقال ترامب إنه يمكن نقل الفلسطينيين إلى “منطقة لطيفة أبعد قليلاً”.

وفقاً لسياسيين فلسطينيين، يندرج برنامج الترحيل الحالي ضمن نمط تاريخي من محاولات إجبار الفلسطينيين على الهجرة، يصفه المنتقدون بـ”الترحيل القسري” و”التطهير العرقي”، بينما تنفي إسرائيل ذلك، لكن رئيس الوزراء نتنياهو صرّح سابقاً بأنه يسعى إلى حلول “تؤدي إلى رحيل أكبر عدد ممكن من سكان غزة”.

يعيش العديد من الفلسطينيين في غزة الآن بين إرادة البقاء والعار والحزن لترك عائلاتهم وأصدقائهم، دون أمل بالعودة، قال أحد سكان غزة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لشبكة NOS: “أعرف الكثيرين ممن يتمنون ركوب رحلة كهذه، بغض النظر عمن يدير المنظمة”، وأضاف: “غزة تعج بالشائعات حول المنظمة، حاولتُ جاهدًا التواصل مع من غادروا بالفعل، لكن لا أحد يرغب بالحديث عن الأمر.

جنوب أفريقيا تحقق في طائرة “غامضة” تحمل 153 من سكان غزة : ليس لديهم ختم خروج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى