“شاهد”: إجراءات الحكومة النمساوية تجاه نشطاء مسلمين وفلسطينيين تمس حقوقا أساسية كفلها القانون بهدف الترهيب لأسباب سياسية
أصدرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان “شاهد”، تقريراً حقوقياً حول إجراءات الحكومة النمساوية تجاه نشطاء مسلمين وفلسطينيين داعمين للقضية الفلسطينية واعتبرت “شاهد” ذلك ترهيبا سياسيا للناشطين في النمسا.
وفي التقرير الذي وصل نسخة منه المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام EPAL، تطرقت “شاهد” إلى الانتهاكات التي تعرضت لها عدد من المؤسسات والجمعيات الإنسانية المناصرة للقضايا العادلة ومنها القضية الفلسطينية دون سند قانوني حقوقي.
وسلط التقرير الضوء على هذه الجمعيات التي تقدم الدعم الإنساني لألاف الأطفال والمرضى والمعوقين، كما أظهر التقرير الجانب الإيجابي للجالية المسلمة عموما والفلسطينية خصوصا واندماجها الجيد في المجتمع النمساوي.
كما أشار التقرير إلى أهمية مواجهة النزاعات اليمينية المتطرفة في أوروبا، والتأكيد على أهمية حقوق الإنسان في التعامل مع المسلمين في أوروبا.
واعتمدت “شاهد” في تقريرها على شهادات لضحايا تعرضوا لحملة المداهمات والاعتقالات من قبل الشرطة النمساوية، بالإضافة إلى رصد إلكتروني لكل ما يتعلق بالحملة من تقارير وبيانات ومقابلات، وكذلك الاعتماد على الدستور النمساوي وما تضمنه من احترام لحقوق الإنسان والحريات.
وتحدث التقرير على أن الإسلام هو ثاني أكبر دين في النمسا بنسبة 8% من مجموع السكان وفقا لتقديرات 2016، وتضم النمسا 206 مسجدا معتمدا بالإضافة إلى العديد من أماكن الصلاة والمنظمات الإسلامية في البلاد.
ونوه التقرير إلى أنه مع صعود اليمين المتطرف في انتخابات 2017، حيث رفع اليمين شعار “الإسلام لا ينتمي للنمسا”، تعرض المسلمون في النمسا خلال هذا العام لـ 309 اعتداء عنصري.
وقالت “شاهد” في تقريرها: ” في 9 نوفمبر 2020 داهمت الشرطة النمساوية 70 منزلًا في أربعة تجمعات، على خلفية أوامر بتوقيف 30 شخصًا. وفي مراجعة قانونية أولية لهذه المداهمات تبين أنها ترافقت مع انتهاكات لمبادئ حقوق الإنسان”.
وأضافت: “في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أدلى رئيس الوزراء سيباستيان كورز، بتصريحات حول “حزمة قوانين لمكافحة الإرهاب”، خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزراء حكومته، كما أعلنت النمسا أنها تنوي استحداث جريمة جنائية تسمى “الإسلام السياسي”، ضمن مجموعة من الإجراءات التي تستهدف مكافحة الإرهاب”.
وذكرت “شاهد” وفقا لشهادات الضحايا والرصد الالكتروني والمتابعات الحقوقية أن الانتهاكات التي قامت بها السلطات النمساوية خلال تنفيذ حملة المداهمات والاعتقالات تمثلت بـ:
• انتهاكات خصوصية المنازل واقتحامها في أوقات متأخرة من الليل.
• ترويع الأطفال والتسبب بمشاكل نفسية.
• التعذيب النفسي والجسدي لبعض العائلات التي تعاني من الأمراض.
• إغلاق حسابات مصرفية شخصية بأمر من النائب العام.
• الاستخدام المفرط للقوة (استخدام قنابل صوتية-إطلاق نار-إشهار السلاح على عائلات وهم نيام).
• حجز الممتلكات المالية النقدية.
• مصادرة بعض أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وإجبار البعض على فتحها.
• إجراءات عنيفة من إطلاق نار وتفتيش شديد وعبث بالمحتويات.
وأكدت “شاهد” على أن المستهدفين من هذه الحملة هم من أرباب العمل من رجال دين واستاذة جامعات ومدراء جمعيات إنسانية ومن بينهم مرضى.
وبحسب “شاهد” فإن عددا من النشطاء النمساويين، يرون أن هذه الحملة لا تستند إلى أسس قانونية، وأنها حملة سياسية بامتياز سببها صعود اليمين الأوروبي بشكل عام والنمساوي على وجه الخصوص، ومنها ما هو ناتج عن ضغط أنظمة عربية تحارب الإسلام السياسي، وكذلك امتداد لحملة الرئيس الفرنسي ضد الإسلام.
بالإضافة إلى ضغوط إسرائيلية لمواجهة النشطاء السياسيين في النمسا والداعمين للقضية الفلسطينية.
ونقلت “شاهد” عن السيد طاهر حسن رئيس جمعية الرحمة النمساوية وهي إحدى الجمعيات المستهدفة بالحملة: “أن الجمعية هي جمعية اغاثية انسانية وغير سياسية، أنجزت الجمعية منذ عام 2006 عدداً غير محدود من الأعمال الإنسانية. تدعم الجمعية مشاريع لصالح الأطفال اليتامى والناس المشردين بلا مأوى والأفراد المعوزين والمحتاجين واللاجئين، دون النظر الى الدين أو الجنسية او الفكر التابعين له أو لون البشرة. مبدأ الجمعية الوحيد هو تقديم المساعدة للناس الأكثر حاجة.”
وحول عملية اعتقاله أضاف حسن:” “بسبب ادعاءات السلطات تم اقتحام منزلي في 9/11/2020 تمام الساعة الخامسة صباحا ودخول عدد كبير من الشرطة مدججين بالسلاح حيث كنت أنا وزوجتي وأطفالي القاصرين وهم أبناء الثالثة والسابعة ورضيع في عمر ال 6 أشهر نياماً. استيقظنا على صوت انفجار وإذ بي مُحاط بمجموعة من الشرطة مدججين بالسلاح وأمروني بالانبطاح على بطني. أطفالي أصيبوا بالصدمة. لقد تم اقتيادهم الى أمهم ولم يسمح لهم بمغادرة الغرفة طوال فترة تفتيش البيت وقد تم مصادرة أجهزة المحمول والحاسوب وحتى اليوم لم يتم إعادتها”.
وعبرت “شاهد” عن مخاوفها من تراجع حقوق الإنسان والحريات في النمسا، وتصاعد التمييز العنصري ضد المسلمين، وتوجيه تهم غير حقيقية ضد النشطاء الداعمين للقضية الفلسطينية وتعريض حياتهم للخطر، بالإضافة إلى تأثير هذه الانتهاكات على المستفيدين من برامج الجمعيات الإنسانية كالأيتام والمرضى لاسيما الواقعين تحت الاحتلال أو اللاجئين في المخيمات الفلسطينية
ودعت “شاهد” إلى الحفاظ على القيم الإنسانية والحقوقية التي تتمتع بها النمسا على مدار السنوات الماضية، وطالبت السلطات النمساوية بمراجعة الإجراءات والقرارات التي تعتبر انتهاكات منظمة لحقوق فئات إسلامية في المجتمع النمساوي.
كما دعت إلى القيام بحملة حقوقية واسعة النطاق لمواجهة اليمين المتطرف والتشبيك مع مكونات المجتمع النمساوي السياسية والاجتماعية والثقافية، ومطالبة المنظمات الدولية والحقوقية بالتدخل العاجل لدى السلطات النمساوية للعدول عن الإجراءات تحت عنوان قانون الإسلام السياسي.
وأكدت “شاهد” على أهمية تسليط وسائل الإعلام الضوء على واقع المسلمين والجوانب المضيئة لهم وتعاملهم في مجتمعاتهم.